نكمل القصة من حيث توقفنا، ومن لم يتابع الجزء الأول فبإمكانه أن يقرأه من هنا
منذ تلك اللحظة انقطعت أخباره عني، ولم أعد أعرف عنه أي شيء، هذه الصدمة أدخلتني في حالة إكتئاب وأصبحت نفسيتي مضطربة ، وصرت غير اجتماعية بالمرة، متقلبة المزاج بشكل فوضوي، أما زوجي المسكين فظل يظنني حبلى ويهتم بي بشكل كبير، و يأتيني بكل شيء قد أحتاج إليه أو أحبه، ولم أكن أستطيع أن أرد عليه أو أن أقول له ما بي، وصلت درجات يأسي و قنوطي أني قطعت صلتي بأمي وإخوتي، أهملت منزلي، ولم أعد أطيق ابنتي، استمريت على هذه الحال مدة من الزمن، وحالتي تتدهور يوما بعد يوم، وزوجي لا يعرف كيفية التصرف، يحاول مراضاتي بكل ما بوسعه لكني لا أتحسن.
ستكتمل معاناتي ، عندما يكتشف زوجي ذات ليلة أن حرارة ابنتي مرتفعة حاولنا إعطاءها مخفضات للحرارة لكن حالتها ازدادت سوءا، ما حدا بنا للذهاب على وجه السرعة للمستعجلات، هناك حيث سينزل علي الخبر مثل صاعقة، ثم تشخيص حالة ابنتي، ووجد الأطباء أنها تعاني من سرطان الدم وحالتها متقدمة جدا، هذا الخبر الذي رعد فرائصي وصرت أفكر، فجأة ابنتي قد تضيع مني في أي لحظة.
انتابني رعب لم يسبق لي عيشه سابقا،و اتقدت في عاطفة الأمومة وتحركت، فصرت أخاف على حبيبتي الصغيرة، صرت أتوجس أن أنام وأستيقظ على خبر وفاتها، صرت خائفة من خسارتها للأبد، كنت أراقب ابنتي تعاني ولا أستطيع فعل شيء لها، وذات ليلة ازدادت حالتها سوءا ولم يستطع الأطباء فعل أي شيء لها و أنا أصيح بهم أنقذوها وأبكي وأطلب الله ألا تفارقني، فأغمضت عينيها البريئتين إلى الأبد.
كان موتها بمثابة صفعة أيقظتني من غفلتي، وعدت لربي نادمة على كل ما سبق، حاولت أنا و زوجي أن ننجب ابنا أخر عسى أن ينسينا حزننا، لكن مع كل محاولاتنا كانت مشيئة الله تقف أمامنا، رغم أن أخصائيي النساء يخبرونني أن تبويضي جيد وأني لا أعاني مشاكل برحمي، وزوجي كذلك لا يعاني من شيء، حاولنا أن نقوم بعمليات زراعة لكن بدون فائدة.
بعد كل المحاولات طلب مني زوجي السماح له بالزواج، و خيرني بالقول أنت حرة إما أن تأتي معي أو إن أردت الطلاق، فاخترت البقاء بذمته، رزق زوجي من زوجته الجديدة بطفلين، وأنا لحد كتابة هذه الأسطر لم يقدر الله أن أحمل.
أما زوجته الثانية فقد كانت قمة في الأدب والأخلاق وتعاملني باحترام وتربي أطفالها على حبي واحترامي وتقول لهم هذه أمكم الثانية، حتى أن الطفلين يأتون عندي ويبيتون معي، فتحت عيني على الدين وبسببها انتقبت و ألتزمت وأصبحت حريصة على الصلاة، وهو ما جعلني أحس بتأنيب لضميري وندمي على ما فات من حياتي، التي اتبعت فيها سبيل الشيطان، واتبعت شهواتي و خنت زوجا كان لي كل شيء، ولم يحرمني من أي شيء، أسأل الله أن يغفر لي ذنبي، بصراحة أنا أعيش مع هذا الذنب يوميا، وقد حكيت لكم قصتي عسى أن أنقص عني قليلا ما أحس به.